تنزيه الأنبياء والأئمة (ع) - فارس حسون كريم - الصفحة ٣٣٨
وقد هم سيدنا أبو عبد الله (عليه السلام) لما عرف مقتل (1) مسلم بن عقيل، وأشير عليه بالعود فوثب إليه بنو عقيل وقالوا: والله لا ننصرف حتى ندرك ثأرنا أو نذوق ما ذاق أخونا (2). فقال (عليه السلام): لا خير في العيش بعد هؤلاء (3).
ثم لحقه الحر بن يزيد ومن معه من الرجال الذين أنفذهم ابن زياد، [ومنعه من الانصراف، وسامه أن يقدمه على ابن زياد] نازلا على حكمه، فامتنع.
ولما رأى أن لا سبيل له إلى العود ولا إلى دخول الكوفة، سلك طريق الشام سائرا نحو يزيد بن معاوية، لعلمه (عليه السلام) بأنه على ما به أرأق (4) من ابن زياد وأصحابه، فسار (عليه السلام) حتى قدم عليه عمر بن سعد في العسكر العظيم، وكان من أمره ما قد ذكر وسطر، فكيف يقال: إنه (عليه السلام) ألقى بيده إلى التهلكة؟ وقد روي أنه صلوات الله وسلامه عليه وآله قال لعمر بن سعد: اختاروا مني إما الرجوع إلى المكان الذي أقبلت منه، أو أن أضع يدي في يد يزيد [فهو] ابن عمي ليرى في رأيه، وإما [أن] تسيروني إلى ثغر من ثغور المسلمين، فأكون رجلا من أهله لي ما لهم وعلي ما عليهم (5). وان عمر [بن سعد] كتب إلى عبيد الله بن زياد بما سئل فأبى عليه، وكاتبه بالمناجزة، وتمثل بالبيت المعروف وهو:
الان [إذ] علقت مخالبنا به * يرجو النجاة ولات حين مناص (6)

(1) في " ع ": بقتل.
(2) في " ش، ع ": أبونا.
(3) مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1 / 229، تسلية المجالس وزينة المجالس: 2 / 239.
(4) في " ع ": أرق.
(5) في " ع ": لي ما له وعلي ما عليه.
(6) إرشاد المفيد: 2 / 86 - 87.
(٣٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 333 334 335 336 337 338 339 340 341 342 343 ... » »»