فأما قول السائل: إنه خلع نفسه (1) من الإمامة فمعاذ الله، لأن الإمامة بعد حصولها للإمام لا تخرج عنه بقوله. وعند أكثر مخالفينا أيضا في الإمامة أن خلع الامام نفسه لا يؤثر في خروجه من الإمامة، وإنما ينخلع من الإمامة عندهم وهو حي بالاحداث والكبائر، ولو كان خلعه نفسه مؤثرا لكان إنما يؤثر إذا وقع اختيارا. فأما [إذا وقع مع] الإلجاء والإكراه، فلا تأثير له ولو كان مؤثرا في موضع من المواضع، ولم يسلم الأمر أيضا إلى معاوية بل كف عن المحاربة (2) والمغالبة لفقدان (3) الأعوان، وإعواز (4) النصار، وتلافي الفتنة - على ما ذكرناه -، فتغلب عليه معاوية بالقهر والسلطان مع [ما] أنه كان متغلبا على أكثره، ولو أظهر (عليه السلام) التسليم قولا لما كان فيه شئ إذا كان عن إكراه واضطهاد (5).
[وأما البيعة فإن أريد بها الصفقة، وإظهار الرضا، والكف عن المنازعة، فقد كان ذلك، لكنا قد بينا جهة وقوعه، والأسباب المحوجة إليه، ولا حجة (6) في ذلك عليه (عليه السلام)، كما لم يكن في مثله حجة على أبيه (عليه السلام) لما بايع المتقدمين عليه، وكف عن نزاعهم، وأمسك عن خلافهم، وإن أريد بالبيعة الرضا وطيب النفس، فالحال شاهدة بخلاف ذلك، وكلامه المشهور كله يدل على أنه (عليه السلام) أحوج [إليه] وأحوج، وأن الأمر له، وهو أحق الناس به، وإنما كف عن المنازعة