* (فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم) * (1) ومعلوم أن الكتابة [تكون] بالأصابع، ولو برى أحدنا قلما فعقرت السكين أصابعه لقيل: قطع يده، وعقرها، ونحو ذلك. وقال الله تعالى في قصة يوسف (عليه السلام): * (فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن) * (2)، ومعلوم أنهن ما قطعن أكفهن إلى الزند (3)، [بل] على ما ذكرناه. وإذا كان الأمر على ما ذكرناه لم يجز أن يحمل اليد على كل (4) ما تناولته هذه اللفظة حتى تقطع من الكتف على مذهب الخوارج (5)، لأن هذا باطل عند جميع الفقهاء، ووجب أن نحمله على أدنى ما تناوله، وهو [من] أصول الأشاجع، والقطع من الأصابع أولى بالحكمة وأرفق بالمقطوع، لأنه إذا قطع من الزند فاته من المنافع أكثر مما يفوته [إذا قطع] من الأشاجع.
وقد روي أن علي بن أصمع سرق عيبة لصفوان، فأتى به [إلى] أمير المؤمنين (عليه السلام) فقطعه من أشاجعه، فقيل له: يا أمير المؤمنين، أفلا [قطعته] من الرسغ؟ فقال (عليه السلام): " فعلى أي شئ يتوكأ؟ وبأي شئ يستنجي؟ " (6) ومهما شككنا فإنا لا نشك في أن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان أعلم باللغة العربية من النظام وجميع الفقهاء الذين خالفوه في القطع، وأقرب إلى فهم ما نطق به القرآن. وان قوله (عليه السلام) حجة في العربية وقدوة، وقد سمع الآية، وعرف اللغة التي نزل بها القرآن، فلم يذهب إلى ما ذهب إليه إلا عن خبرة ويقين.