فإن قيل: فعلى هذا الوجه ما معنى بشارته (1) بالنار؟
قلنا: المعنى فيها الخبر عن عاقبة أمر ه، لأن الثواب والعقاب إنما يحصلان على عواقب الأعمال وخواتيهما، وابن جرموز هذا خرج مع أهل النهروان على أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقتل هناك، فكان بذلك الخروج من أهل النار لا بقتل الزبير.
فإن قيل: فأي فائدة في إضافة (2) البشارة بالنار إلى قتل الزبير وقتله طاعة وقربة، وإنما يجب أن تضاف البشارة بالنار إلى ما يستحق به النار؟
قلنا: عن هذا جوابان:
أحدهما: أنه (عليه السلام) أراد التعريف والتنبيه، وإنما يعرف الإنسان بالمشهور (3) من أفعاله، والظاهر من أوصافه، وابن جرموز كان غافلا (4) خاملا، وكان فعله بالزبير من أشهر ما يعرف به مثله (5)، وهذا وجه [في] التعريف صحيح.
والجواب الثاني: ان قتل الزبير إذا كان باستحقاق على وجه الصواب من أعظم الطاعات وأكبر القربات، ومن جرى على يده (6) يظن به الفوز بالجنة، فأراد (عليه السلام) أن يعلم الناس أن هذه الطاعة العظيمة التي يكثر ثوابها إذا تعقب (7) بما يفسده غير نافعة لهذا القاتل، وأنه سيأتي من فعله في المستقبل ما يستحق به النار، فلا تظنوا به لما اتفق على يده من هذه الطاعة خيرا. وهذا يجري مجرى