وتبين خطأه يجب عليه أن يظهر ضد ما كان أظهره لا سيما وأمير المؤمنين (عليه السلام) في تلك الحال مصاف لعدوه ومحتاج إلى نصرة من هو دون الزبير في الشجاعة والنجدة، وليس هذا موضع استقصاء ما يتصل بهذا المعنى وقد ذكرناه في كتابنا (1) الشافي المقدم ذكره.
فأما أمير المؤمنين، فإنما عدل [عن] أن يقيد ابن جرموز [بالزبير] لأحد أمرين: إن كان ابن جرموز قتله غدرا وبعد أن آمنه، أو قتله بعد أن ولى مدبرا، وقد كان أمير المؤمنين (عليه السلام) أمر أصحابه أن لا يتبعوا مدبرا، ولا يجهزوا على جريح، فلما قتل ابن جرموز [الزبير] مدبرا كان بذلك عاصيا مخالفا لأمر إمامه (عليه السلام)، فالسبب في أنه لم يقيده به أن أولياء الدم الذين هم أولاد الزبير لم يطالبوا بذلك، ولا حكموا (2) فيه، وكان كبيرهم (3) والمنظور إليه منهم عبد الله محاربا لأمير المؤمنين (عليه السلام)، مجاهرا له بالعداوة والمشاقة فقد أبطل (4) بذلك حقه، لأنه لو أراد أن يطالب [به] لرجع عن الحرب وبايع وسلم، ثم طالب بعد ذلك فانتصف له منه.
وإن كان الأمر الآخر وهو أن يكون ابن جرموز ما قتل الزبير إلا مبارزة من غير (5) غدر ولا أمان تقدم على ما ذهب إليه قوم، فلا يستحق بذلك قودا ولا مسألة هاهنا في القود.