تنزيه الأنبياء والأئمة (ع) - فارس حسون كريم - الصفحة ٢٩٩
سواء كان من تعرض [عليه ثقة أو ظنينا، لأن بذل اليمين] والاقدام عليها يزيدنا في الثقة بصيرة، وربما قوى ذلك حال الظنين، لبعد الاقدام على اليمين الفاجرة، ولهذا نجد كثيرا من الجاحدين للحقوق متى عرضت عليهم اليمين امتنعوا منها، وأقروا بها بعد الجحود واللجاج. ولهذا استظهر في الشريعة باليمين على المدعى عليه، وفي القاذف زوجته بالتلفظ (1) باللعان. ولو أن ملحدا أراد الطعن على الشريعة، واستعمل من الشبهة ما استعمله النظام، فقال: أي معنى لليمين في الدعاوي، والمستحلف إن كان ثقة، فلا معنى لاستحلافه، وإن كان ظنينا متهما، فهو بأن يقدم على اليمين أولى.
وكذلك في القاذف زوجته؟ لما كان له جواب إلا ما أجبنا به النظام، وقد ذكرناه.
[وقد] حكي عن الزبير بن بكار في هذا الخبر (2) تأويل قريب، وهو انه قال: كان أبو بكر وعمر إذا جاءهما حديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا يعرفانه لم (3) يقبلاه حتى يأتي مع الذي ذكره آخر، فيقوما مقام الشاهدين. قال: فأقام أمير المؤمنين (عليه السلام) اليمين مع دعوى المحدث مقام الشاهد مع اليمين في الحقوق، كما أقاما الرواية في طلب شاهدين عليهما مقام باقي الحقوق.
فإن قيل: أو ليس هذا الحديث إذا سلمتموه وأخذتم في تأويله يقتضي أن أمير المؤمنين (عليه السلام) ما كان يعلم الشئ الذي يخبر به عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) (4)؟ وانه كان يستفيده من المخبر، ولولا ذلك لما كان لاستحلافه معنى؟ وهذا يوجب

(1) في " ش ": في التلفظ.
(2) في " م ": الحديث.
(3) في " م، ع ": لا.
(4) عن الرسول (صلى الله عليه وآله).
(٢٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 294 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 ... » »»