تنزيه الأنبياء والأئمة (ع) - فارس حسون كريم - الصفحة ٢٨٨
وقاده إليه، وإنما يقال: إن التحكيم يدل على الشك إذا كنا لا نعرف سببه والحامل عليه، أو كان لا وجه لا إلا (1) ما يقتضي الشك. فأما إذا كنا قد عرفنا ما اقتضاه وادخل فيه، وعلمنا أنه (عليه السلام) ما أجاب إليه (2) إلا لدفع الضرر العظيم، ولأن تزول الشبهة عن قلب من ظن به (عليه السلام) أنه لا يرضى بالكتاب، ولا يجيب إلى تحكيمه، فلا وجه لما ذكروه. وقد أجاب (عليه السلام) عن هذه الشبهة بعينها في مناظرتهم لما قالوا له: أشككت؟ فقال (عليه السلام): أنا أولى بأن لا أشك في ديني أم النبي (صلى الله عليه وآله)؟ أو ما قال الله تعالى لرسوله: * (قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه إن كنتم صادقين) * (3). (4).
وأما قول السائل، فإنه (عليه السلام) تعرض لخلع إمامته ومكن الفاسقين من أن يحكما عليه بالباطل، فمعاذ الله أن يكون كذلك، لأنا قد بينا انه (عليه السلام) إنما حكمهما بشرط لو وفيا به وعملا عليه، لأقرا إمامته وأوجبا طاعته، لكنهما عدلا عنه فبطل حكمهما، فما مكنهما من خلع إمامته، ولا تعرض منهما لذلك. ونحن نعلم أن من قلد حاكما أو ولى أميرا ليحكم بالحق ويعمل بالواجب فعدل عما شرط عليه وخالفه، لا يسوغ القول (5) بأن من ولاه عرضه للباطل ومكنه من العدول عن الواجب، ولم يلحقه شئ من اللوم بذلك، بل كان اللوم عائدا على من خالف ما شرط عليه.

(١) في " ش ": إلى.
(٢) في " ع ": عليه.
(٣) سورة القصص: ٤٩.
(٤) مناقب ابن شهرآشوب: ١ / ٢٧٦، بحار الأنوار: ٣٣ / 423 ح 630.
(5) في " ش - خ - ": اللوم.
(٢٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 ... » »»