هاهنا وأمير المؤمنين (عليه السلام) بمكانه قد سلم إلى عدوه، وتفرق أصحابه عنه (1)؟
وقال لهم أمير المؤمنين (عليه السلام) عند رفعهم المصاحف: " اتقوا الله وامضوا على حقكم، فإن القوم ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن، وأنا أعرف بهم منكم، قد صحبتهم أطفالا ورجالا فكانوا شر أطفال وشر رجال، إنهم والله ما رفعوا المصاحف ليعملوا بها، وإنما رفعوها خديعة ودهاء ومكيدة " (2).
فأجاب (عليه السلام) إلى التحكيم دفعا للشر القوي بالشر الضعيف، وتلافيا للضرر الأعظم بتحمل [الضرر] الأيسر، وأراد أن يحكم من جهته عبد الله بن العباس رحمة الله عليه، فأبوا عليه ولجوا كما لجوا في أصل التحكيم، وقالوا: لابد من يماني مع مضري.
فقال (عليه السلام): " فضموا الأشتر وهو يماني إلى عمرو " (3).
فقال الأشعث بن قيس: الأشتر هو الذي طرحنا فيما نحن فيه.
واختاروا أبا موسى [الأشعري] مقترحين (4) عليه (عليه السلام) ملزمين له تحكيمه، فحكمهما بشرط أن يحكما بكتاب الله تعالى ولا يتجاوزاه، وانهما متى تعدياه فلا حكم لهما [إلا السيف].
وهذا غاية التحرز ونهاية التحفظ (5)، لأنا نعلم أنهما لو حكما بما في