تنزيه الأنبياء والأئمة (ع) - فارس حسون كريم - الصفحة ٢٨١
يسوغ، لأنا قد نجد كثيرا من الناس يستوحش من (1) أن يخالفوا في مذهب من المذاهب غاية الاستيحاش، وإن لم يستوحشوا من الخلاف فيما هو أعظم منه وأجل موقعا، ويغضبهم في هذا الباب الصغير ولا يغضبهم الكبير.
وهذا إنما يكون لعادات جرت وأسباب استحكمت، ولاعتقادهم ان بعض الأمور وإن صغر في ظاهره، فإنه يؤدي إلى العظائم والكبائر، أو لاعتقادهم ان الخلاف في بعض الأشياء وإن كان في ظاهر الأمر كالخلاف في غيره، لا يقع إلا من معاد (2) منافس.
وإذا كان الأمر على ما ذكرناه لم ينكر أن يكون أمير المؤمنين (عليه السلام) إنما لم يظهر جميع (3) مذاهبه التي خالف فيها القوم إظهارا واحدا، لأنه (عليه السلام) علم أو غلب في ظنه أن إظهار ذلك يؤدي إلى الضرر (4) في الدين إلى مالا يؤدي إليه إظهار ما أظهره، وهذا واضح لمن تدبره.
وقد دخل في جملة ما ذكرناه الجواب عن قولهم: لم لم يغير الأحكام ويظهر مذاهبه، وما كان مخبوا في نفسه عند إفضاء الأمر إليه وحصول الخلافة في يديه؟ فإنه لا تقية على من هو أمير المؤمنين وإمام جميع المسلمين، لأنا قد بينا ان الأمر ما أفضى إليه (عليه السلام) إلا بالاسم دون المعنى، وقد كان (عليه السلام) معارضا منازعا مغصصا طول أيام ولايته إلى أن قبضه الله تعالى إلى جنته.
وكيف يأمن في ولايته الخلاف على المتقدمين عليه (عليه السلام) وجل من بايعه (5)

(1) في " ع ": يستوحشون في.
(2) في " ع ": مع معاند.
(3) في " ع ": في جميع.
(4) في " ع ": يؤدي من المحتمل الضرر.
(5) في " ع ": رجل من تابعه.
(٢٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 ... » »»