تنزيه الأنبياء والأئمة (ع) - فارس حسون كريم - الصفحة ٢٩١
معاوية فأخذه [منه] (1)، فأسف (عليه السلام) على ظفر عدوه بذلك، وأشفق من أن يعمل بما فيه من الأحكام، وتوهم ضعفة أصحابه ان ذلك من علمه ومن عنده، فتقوى الشبهة به عليهم. وهذا وجه صحيح يقتضي التأسف والتندم، وليس في الخبر المتضمن للشعر ما يقتضي أن تندمه كان على التحكيم دون غيره، فإذا جاءت رواية بتفسير ذلك عنه (عليه السلام)، كان الأخذ بها أولى.
[في أن قتله (عليه السلام) للخوارج كان بعهد من رسول الله (صلى الله عليه وآله):] مسألة: فإن قيل: فما الوجه فيما فعله أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام عند حربه للخوارج يوم النهروان من رفعه رأسه إلى السماء ناظرا إليها تارة وإلى الأرض أخرى، وقوله (عليه السلام): " والله ما كذبت ولا كذبت " (2) فلما قتلهم وفرغ من الحرب، قال له ابنه الحسن (عليه السلام): " يا أمير المؤمنين، أكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) تقدم إليك في هؤلاء بشئ "؟ قال: " لا، ولكن أمرني رسول الله (صلى الله عليه وآله) بكل حق، ومن الحق أن أقاتل المارقين والناكثين والقاسطين " (3)، أو ليس قد تعلق بهذا النظام في كتابه المعروف بالنكت. وقال: هذا توهيم منه (عليه السلام) لأصحابه أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد تقدم إليه في أن الخوارج سيخالفوه ويقاتلهم (4)، إذ يقول: " والله ما كذبت ولا كذبت ".
الجواب: إنا لا ندري كيف ذهب على النظام كذب هذه الرواية، يعني التضمنة لقوله (عليه السلام) انه لم يتقدم الرسول (صلى الله عليه وآله) إليه في ذلك بشئ، إن كان النظام

(١) انظر: الغارات: ١٥٩ - ١٦٢، بحار الأنوار: ٣٣ / ٥٥٠ - ٥٥١.
(٢) صحيح مسلم: ٢ / ٧٤٩ ح ١٥٧، تاريخ الطبري: ٥ / 88.
(3) انظر: الأحاديث الغيبية: 1 / 72 وما بعدها.
(4) في " ع ": ويقتلهم.
(٢٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 ... » »»