الأمور ضلت الخوارج مع شدة تخشنها في الدين وتمسكها بعلائقه ووثائقه؟
الجواب: قلنا: كل أمر ثبت بدليل قاطع غير محتمل فليس يجوز أن نرجع عنه ونشكك فيه لأجل أمر محتمل، وقد ثبت إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام) وعصمته وطهارته من الخطايا (1)، وبراءته من الذنوب والعيوب بأدلة عقلية وسمعية، فليس يجوز أن نرجع عن ذلك أجمع، ولا عن شئ منه، لما وقع من التحكيم [المحتمل] للصواب بظاهره، وقبل النظر فيه كاحتماله للخطأ ولو كان ظاهره أقرب إلى الخطأ وأدنى إلى مخالفة الصواب، بل الواجب في ذلك القطع على مطابقة ما ظهر من المحتمل لما ثبت بالدليل (2)، وصرف ما له ظاهر عن (3) ظاهره، والعدول به إلى موافقة مدلول الدلالة التي لا يختلف مدلولها ولا يتطرق عليها التأويل.
وهذا فعلنا فيما ورد من آي القرآن [التي] تخالف بظاهرها الأدلة العقلية مما يتعلق به الملحدون والمجبرة والمشبهة، وهذه جملة قد كررنا ذكرها (4) في كتابنا هذا لجلالة موقعها من الحجة، ولو اقتصرنا في حل هذه الشبهة عليها لكانت مغنية كافية، كما أنها كذلك فيما ذكرناه من الأصول، لكننا نزيد وضوحا في تفصيلها ولا نقتصر عليها، كما لم نفعل ذلك فيما صدرنا به هذا الكتاب من الكلام في تنزيه الأنبياء (عليهم السلام) عن المعاصي.
فنقول: إن أمير المؤمنين (عليه السلام) ما حكم مختارا، بل أحوج إلى التحكيم وألجئ إليه، لأن أصحابه (عليه السلام) كانوا من التخاذل والتقاعد والتواكل إلا القليل