فأما تأخيره (1) جهاد الظالمين وتأجيل ما يأتي من استئصالهم، فقد نبينا العذر فيه، وان أصحابه (عليه السلام) تخاذلوا وتواكلوا (2) واختلفوا، وان الحرب بلا أنصار وبغير أعوان لا يمكن (3)، والمعترض لها مغرر بنفسه وأصحابه.
فأما عدوله عن التسمية بأمير المؤمنين واقتصاره على التسمية المجردة، فضرورة الحال دعت إليها. وقد سبق إلى مثل ذلك سيد الأولين والآخرين رسول الله (صلى الله عليه وآله) في عام الحديبية، وقصته مع سهيل بن عمرو، وأنذره (صلى الله عليه وآله) بأنه:
" ستدعى إلى مثل ذلك وتجيب على مضض " (4). فكان كما أنذر وخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) واللوم بلا إشكال زائل عما اقتدى فيه بالرسول (صلى الله عليه وآله).
وهذه جملة تفصيلها يطول، وفيها لمن أنصف من نفسه بلاغ وكفاية.
[في أن عليا (عليه السلام) لم يندم على التحكيم:] مسألة: فإن قيل: فإذا كان (عليه السلام) من أمر التحكيم على ثقة ويقين فلم روي عنه (عليه السلام) أنه كان يقول بعد التحكيم في مقام بعد آخر:
لقد عثرت عثرة لا تنجبر (5) * سوف أكيس بعدها وأستمر وأجمع الرأي (6) الشتيت المنتشر (7)