عددهم ويرجي النصر (1) والظفر بمثلهم، لأن الشبهة في فعلهم وبغيهم كانت زائلة عن جميع الأماثل وذوي البصائر، ولم يشتبه أمرهم إلا على أغناهم وطغام ولا اعتبار بهم ولا فكر في نصرة مثلهم. فتعين الغرض في قتالهم [ومحاربتهم] ومجاهدتهم للأسباب التي ذكرناها.
وليس هذا ولا شئ منه موجودا فيمن تقدم، بل الأمر فيه بالعكس مما ذكرناه، لأن الجمهور والعدد الجم الكثير، كانوا على موالاتهم وتعظيمهم وتفضيلهم وتصويبهم في أقوالهم وأفعالهم، فبعض للشبهة، وبعض للانحراف عن أمير المؤمنين (عليه السلام) والحبة لخروج الأمر عنه، وبعض لطلب الدنيا وحطامها ونيل الرئاسات فيها. فمن جمع بين الحالين، وسوى بين الوقتين كمن جمع بين المتضادين. وكيف يقال هذا ويطلب منه (عليه السلام) من الانكار على من تقدم مثل ما وقع منه (عليه السلام) متأخرا في صفين والجمل، وكل من حارب معه (عليه السلام) في هذه الحروب، إلا القليل كانوا قائلين بإمامة المتقدمين عليه (عليه السلام) ومنهم (2) من يعتقد تفضيلهم على سائر الأمة، فكيف يستنصر ويتقوى في إشهار الانكار على من تقدم بقوم هذه صفتهم؟ وأين الانكار على معاوية وطلحة وفلان وفلان من الانكار على أبي بكر وعمر وعثمان لولا الغفلة والعصبية؟ ولو أنه (عليه السلام) لم يرج (3) في حرب الجمل وصفين وسائر حروبه ظفرا، أو خاف من ضرر في الدين عظيم هو أعظم مما ينكره، لما كان إلا ممسكا ومحجما كسنته فيمن تقدم.