تنزيه الأنبياء والأئمة (ع) - فارس حسون كريم - الصفحة ٢٧٢
اللازم، فلا ينبغي للمخالفين لنا في هذه المسألة يجمعوا بين المتضادات، ويفرضوا ان القوم دفعوا النص وخالفوا موجبه، وهم مع ذلك على أحوال السلامة المعهودة منهم التي تقتضي من الظنون بهم أحسنها وأجملها.
على أنا لا نسلم انه (عليه السلام) لم يقع منه إنكار على وجه من الوجوه، فإن الرواية متظافرة (1) بأنه (عليه السلام) لم يزل يتظلم ويتألم (2) ويشكو أنه مظلوم ومقهور في مقام بعد مقام، وخطاب بعد خطاب.
وقد ذكرنا تفصيل هذه الجملة في كتابنا الشافي في الإمامة (3) وأوردنا طرفا مما روي في هذا الباب، وبينا ان كلامه (عليه السلام) في هذا المعنى يترتب في الأحوال بحسب ترتبها في الشدة واللين، فكان المسموع من كلامه (عليه السلام) في أيام أبي بكر لا سيما في صدرها، وعند ابتداء البيعة [له] ما لم يكن مسموعا في أيام عمر، ثم صرح (عليه السلام) وبين وقوى تعريضه في أيام عثمان، ثم انتهت الحال في أيام تسليم الأمر إليه إلى أنه (عليه السلام) ما كان يخطب خطبة ولا يقف موقفا إلا ويتكلم (4) فيه بالألفاظ المختلفة والوجوه المتباينة، حتى اشترك في معرفة ما في نفسه الولي والعدو، والقريب والبعيد. وفي بعض ما كان (عليه السلام) يبديه ويعيده إعذار وإفراغ للوسع، وقيام بما يجب على مثله ممن قل تمكنه وضعف ناصره.
فأما محاربة أهل البصرة، ثم أهل صفين، فلا يجري مجرى التظاهر بالانكار على المتقدمين عليه (عليه السلام)، لأنه وجد على هؤلاء أعوانا وأنصارا يكثر

(1) في " ش ": متظافرة.
(2) في " ش ": ويتكلم، ويتألم - خ -.
(3) الشافي: 3 / 223 وما بعدها.
(4) في " ش ": ويتظلم، ويتكلم - خ -.
(٢٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 ... » »»