تنزيه الأنبياء والأئمة (ع) - فارس حسون كريم - الصفحة ٢٦٩
فإذا سئل عن سبب إغضائه وكفه ذكر أنه خاف لأمارة (1) ظهرت له، ولا يلزمه أن تكون تلك الأمارة ظاهرة لكل أحد، حتى يطالب بأن يشاركه في الظن والخوف كل من عرفه، بل ربما كان معه في ذلك المقام من لا يغلب على ظنه مثل ما غلب على ظنه من حيث اختص بالأمارة دونه.
ثم [قد] ذكرنا في كتابنا في الإمامة من أسباب الخوف وأمارات الضرر التي تناصرت بها الروايات، ووردت من الجهات المختلفة ما فيه مقنع للمتأمل، وانه (عليه السلام) غولط في الأمر وسوبق إليه وانتهزت غرته، واغتنمت الحال التي كان فيها متشاغلا بتجهيز النبي (صلى الله عليه وآله)، وسعى القوم إلى سقيفة بني ساعدة، وجرى لهم فيها مع الأنصار ما جرى، وتم لها عليه (2) كما اتفق من بشير بن سعد ما تم وظهر، وإنما توجه لهم من قهرهم الأنصار ما توجه ان الإجماع قد انعقد على البيعة، وأن الرضا وقع من جميع الأمة وروسل أمير (3) المؤمنين (عليه السلام)، ومن تأخر معه من بني هاشم وغيرهم مراسلة من يلزمهم بيعة قد تمت ووجبت لاخيار فيها لأحد، ولا رأي في التوقف عنها لذي رأي ثم تهددوه على التأخر، فتارة يقال له: لا تقم مقام من يظن به (4) الحسد لابن عمه، إلى ما شاكل ذلك من الأقوال والأفعال التي تقتضي التكفل والتثبت (5)، وتدل على التصميم والتتميم.
وهذه أمارات، بل دلالات تدل على أن الضرر في مخالفة القوم شديد.
وبعد، فإن الذي نذهب إليه من سبب التقية والخوف مما لابد منه، إذا

(1) في " ش ": لأمارات.
(2) في " ع ": عليهم.
(3) في " ش - خ - ": إلى أمير.
(4) في " ش - خ -، ع ": فيه.
(5) في " ش ": والتسبب.
(٢٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 ... » »»