مغلوب على الخلافة، فكيف لم يطالب بها (1) و [لم] ينازع فيها؟ ومعلوم أنه لا مسألة في أن من لم يطالب بما ليس له، ولم يجعل إليه، وإنما المسألة في أن لم [لم] يطالب بما جعل إليه؟ وإذا فرضنا ان ذلك إليه، جاء منه كل الذي (2) ذكرنا.
ثم يقال لهم: إذا سلمتم إن وجوب إنكار المنكر مشروط بما ذكرناه من الشروط، فلم أنكرتم أن يكون أمير المؤمنين (عليه السلام) إنما أحجم عن المجاهدة بالانكار، لأن شروط إنكار المنكر لم تتكامل، إما لأنه كان خائفا على نفسه، أو على من يجري مجرى نفسه، أو مشفقا من وقوع ضرر في الدين هو أعظم مما أنكره، وما المانع من أن يكون الأمر جرى على ذلك؟
فإن قالوا: إن أمارات الخوف لم تظهر.
قلنا: وأي أمارة للخوف هي أقوى من الاقدام على خلاف رسول الله (صلى الله عليه وآله) (3) في أوثق عهوده وأقوى عقوده، والاستبداد بأمر لا حظ لهم فيه. وهذه الحال تخرج من أن يكون أمارة في ارتفاع الحشمة من القبيح إلى أن يكون دلالة، وإنما يسوغ أن يقال: لا أمارة هناك تقتضي الخوف وتدعو إلى سوء الظن إذا فرضنا ان القوم [إذا] كانوا على أحوال السلامة متضافرين متناصرين متمسكين بأوامر الرسول (صلى الله عليه وآله)، جارين على سنته وطريقته، فلا يكون لسوء عليهم مجال ولا الخوف من جهتهم طريق.
فأما إذا فرضنا انهم دفعوا النص الظاهر وخالفوه وعملوا بخلاف مقتضاه، فالأمر حينئذ منعكس منقلب، وحسن الظن لا وجه له، وسوء الظن هو الواجب