وشيعته؟ ثم ما المنكر من أن يكون خائفا في (1) الانكار من ارتداد القوم عن الدين، وخروجهم عن الاسلام، ونبذهم شعار الشريعة، فرأى أن الإغضاء أصلح في الدين من حيث كان يجر الانكار ضررا فيه لا يتلافى؟
فإن قيل: فما يمنع من أن يكون المنكر مشروطا بما ذكرتم، إلا أنه لابد لارتفاع التمكن ولم يكن هناك شئ من أمارات الخوف وعلامات وقوع الفساد في الدين. وعلى هذا فليس تنفعكم الجملة التي ذكرتموها، لأن التفصيل لا يطابقها.
قلنا: أول ما نقوله (2): إن الأمارات التي يغلب معها الظن بأن إنكار المنكر يؤدي إلى الضرر، إنما يعرفها من شهد الحال وحضرها وأثرت في ظنه، وليست مما يجب أن يعلمها الغائبون عن تلك المشاهد (3). ومن أتى بعد تلك (4) الحال بالسنين المتطاولة. وليس من حيث لم تظهر لنا تلك الأمارات ولم نحط بها علما، يجب القطع على من شهد تلك الحال لم تكن ظاهرة له (5)، فإنا نعلم أن للمشاهد (6) وحضوره مزية في هذا الباب لا يمكن دفعها، والعادات تقتضي بأن الحال [على] ما ذكرناه.
فإنا نجد كثيرا ممن يحضر مجالس الظلمة من الملوك يمتنع من إنكار بعض ما يجري بحضرتهم من المناكير، وربما أنكر ما يجري مجراه في الظاهر،