نصرفه عن ظاهره ونحمله على ما يطابق موجب الدليل العقلي فيهم، كما فعلنا مثل ذلك في متشابه القرآن المقتضي ظاهره ما لا يجوز على الله تعالى، وما لا يجوز على نبي من أنبيائه (عليهم السلام).
وإذا ثبت ان أمير المؤمنين (عليه السلام) (1) إمام فقد ثبت بالدليل العقلي أنه معصوم عن (2) الخطأ والزلل، فلا بد من حمل جميع أفعاله على جهات الحسن ونفي القبيح عن كل واحد منها. وما كان منها له ظاهر يقتضي الذنب علمنا في الجملة أنه على غير ظاهره، فإن غرفنا وجهه على التفصيل ذكرناه، وإلا كفانا في تكليفنا أن نعلم أن الظاهر معدول عنه، وأنه لابد من وجه فيه يطابق ما تقتضيه الأدلة.
وهذه الجملة كافية في جميع المشتبه من أفعال الأئمة (عليهم السلام) وأقوالهم، ونحن نزيد عليها فنقول: إن الله تعالى لم يكلف إنكار المنكر سواء اختص بالمنكر أو تعداه إلى غيره، [ولا يتعداه] إلا بشروط معروفة، أقواها التمكن. وأن لا يغلب في ظن المنكر أن إنكاره يؤدي إلى وقوع ضرر به لا يحتمل مثله، وأن لا يخاف في إنكاره من وقوع ما هو أفحش منه وأقبح من المنكر.
وهذه شروط قد دلت الأدلة عليها ووافقنا المخالفون لنا في الإمامة فيها، وإذا كان ما ذكرناه مراعي في وجوب إنكاره المنكر، فمن أين أن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان متمكنا من المنازعة في (3) حقه والمحاربة (4)؟ وما المنكر من أن يكون (عليه السلام) خائفا متى نازع وحارب من ضرر عظيم يلحقه في نفسه وولده