تنزيه الأنبياء والأئمة (ع) - فارس حسون كريم - الصفحة ٢٦١
مسألة: فإن قيل: فما معنى الخبر الذي رواه أبو هريرة عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: " إن أحب الأعمال إلى الله تعالى أدومها وإن قل، فعليكم من الأعمال بما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا " (1).
الجواب: [قلنا:] في تأويل هذا الخبر وجوه [في] كل واحد منها يخرج كلامه (صلى الله عليه وآله) من حيز الشبهة:
أولها: انه أراد نفي الملل عنه تعالى، وأنه لا يمل أبدا، فعلقه بما لا يقع على سبيل التبعيد، كما قال جل وعز: * (ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط) * (2) وكما قال الشاعر:
فإنك سوف تحكم أو تباهي * إذا ما شبت أو شاب الغراب [من الوافر] أراد: انك (3) لا تحكم أبدا.
فإن قيل: ومن أين لكم ان الذي علقه به لا يقع، حتى حكمتم بأنه أراد [نفي الملل على سبيل التأبيد؟] قلنا: معلوم أن الملل لا يشمل البشر في جميع أمورهم وأطوارهم، وأنهم لا يعرون (4) من حرص ورغبة وأمل وطمع، فلهذا جاز أن يعلق ما علم [الله]

(١) روي صدره في كتاب الزهد لابن المبارك: ٤٦٨ ح ١٣٢٩، مسند أحمد بن حنبل:
٦ / ٢٧٣، ذكر أخبار أصبهان: ١ / ١٥٢ وص ٢٩٨، الترغيب والترهيب: ٤ / ١٢٨ و ١٢٩ ح ١ و ٤.
وروي ذيله في: مسند أحمد بن حنبل: ٦ / ١٢٢ وص ٢١٢، كنز العمال: ٣ / ٢٩ ح ٥٣٠٢ وص ٤٤ ح ٥٤٠٠.
(٢) سورة الأعراف: ٤٠.
(3) في " م ": انه.
(4) في " ع ": لا يعرفون.
(٢٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 ... » »»