مسألة: فإن قيل: فما معنى الخبر الذي رواه أبو هريرة عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: " إن أحب الأعمال إلى الله تعالى أدومها وإن قل، فعليكم من الأعمال بما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا " (1).
الجواب: [قلنا:] في تأويل هذا الخبر وجوه [في] كل واحد منها يخرج كلامه (صلى الله عليه وآله) من حيز الشبهة:
أولها: انه أراد نفي الملل عنه تعالى، وأنه لا يمل أبدا، فعلقه بما لا يقع على سبيل التبعيد، كما قال جل وعز: * (ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط) * (2) وكما قال الشاعر:
فإنك سوف تحكم أو تباهي * إذا ما شبت أو شاب الغراب [من الوافر] أراد: انك (3) لا تحكم أبدا.
فإن قيل: ومن أين لكم ان الذي علقه به لا يقع، حتى حكمتم بأنه أراد [نفي الملل على سبيل التأبيد؟] قلنا: معلوم أن الملل لا يشمل البشر في جميع أمورهم وأطوارهم، وأنهم لا يعرون (4) من حرص ورغبة وأمل وطمع، فلهذا جاز أن يعلق ما علم [الله]