تنزيه الأنبياء والأئمة (ع) - فارس حسون كريم - الصفحة ٢٥٨
ربكم كما ترون القمر ليلة البدر لا تضامون في رؤيته " (1) وهذا خبر مشهور لا يمكن تضعيفه ونسبته إلى الشذوذ؟
الجواب: قلنا: أما هذا الخبر فمطعون عليه ومقدوح في راويه (2)، فإن راوية قيس بن أبي حازم، وقد كان خولط [في عقله] في آخر عمره مع استمراره على رواية الأخبار. وهذا قدح لا شبهة فيه، لأن كل خبر مروي عنه لا يعلم تاريخه يجب أن يكن مردودا، لأنه لا يؤمن [من] أن يكون مما سمع منه [في] حال الاختلال. وهذه طريقة في قبول الأخبار وردها ينبغي أن يكون أصلا ومعتبرا فيمن علم منه الجرح (3) ولم يعلم تاريخ ما نقله عنه.
على أن قيسا لو (4) سلم [من] هذا القدح لكان مطعونا فيه من وجه آخر، وهو أن قيس بن أبي حازم كان مشهورا بالنصب [والمعاداة] لأمير المؤمنين صلاة الله وسلامه عليه والانحراف عنه، وهو الذي قال: رأيت علي بن أبي طالب (عليه السلام) على منبر الكوفة يقول: " انفروا إلى بقية الأحزاب " فبغضه حتى اليوم في قلبي (5). إلى غير ذلك من تصريحه بالمناصبة والمعاداة. وهذا قادح لا شك في عدالته.
على أن للخبر وجها صحيحا يجوز أن يكون محمولا عليه إذا صح، لأن الرؤية قد تكون بمعنى العلم، وهذا ظاهر في اللغة، ويدل عليه قوله تعالى: * (ألم

(١) مسند أبي حنيفة مع شرحه للملا علي القاري: ٥٧٩، مسند أبي عوانة: ١ / ٣٧٦.
(٢) في " م ": روايته.
(٣) في " ع ": الخروج.
(٤) في " م ": على أنه لو.
(٥) الغارات: ٢٦، مناقب ابن شهرآشوب: ٣ / ١٦٦، بحار الأنوار: ٣٢ / 570، وج 34 / 50.
(٢٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 ... » »»