تنزيه الأنبياء والأئمة (ع) - فارس حسون كريم - الصفحة ٢٦٣
والوجه الثالث: أن يكون المعنى أنه تعالى لا يقطع عنكم خيره ونائله حتى تملوا من سؤاله، ففعلهم ملل على الحقيقة، وسمي فعله تعالى مللا وليس على الحقيقة. وكذلك للازدواج والتشاكل في الصورة، وإن كان المعنى مختلفا.
ومثله (1) قوله تعالى: * (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) * (2) * (وجزاء سيئة سيئة مثلها) * (3). ومثله قول الشاعر (4):
ألا لا يجهلن أحد علينا * فنجهل فوق جهل الجاهلينا [من الوافر] وإنما أراد المجازاة على الجهل، لأن العاقل لا يفخر بالجهل ولا يتمدح به.
واعلم أن لهذه الأخبار المضافة إلى النبي (صلى الله عليه وآله) مما يقتضي ظاهرها تشبيها لله تعالى بخلقه، أو جورا (5) له في حكمه، أو إبطالا لأصل عقلي، نظائر كثيرة، وإن كانت لا تجري في الشهرة مجرى ما ذكرناه، ومتى تقصينا الكلام على جميع ذلك طال الكتاب جدا وخرج عن الغرض المقصود به، لأنا شرطنا أن لا نتكلم ولا نتأول فيما يضاف إلى الأنبياء (عليهم السلام) من المعاصي إلا على أنه (6) من الكتاب، أو خبر معلوم، أو مشهور يجري في شهرته مجرى المعلوم، وفيما ذكرناه بلاغ وكفاية.

(١) في " ش ": ومثل هذا.
(٢) سورة البقرة: ١٩٤.
(٣) سورة الشورى: ٤٠.
(4) وهو عمرو بن كلثوم، وقد تقدم هذا البيت.
(5) في " ش ": تجويزا.
(6) في " ع ": آية.
(٢٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 ... » »»