الذنب (1)، وقوله: * (لم أذنت) * ظاهر في العتاب، لأنه من أخص ألفاظ العتاب؟
الجواب: قلنا: أما قوله تعالى: * (عفا الله عنك) * فليس يقتضي وقوع معصية ولا غفران عقاب، ولا يمتنع أن يكون المقصود (2) به التعظيم والملاطفة في المخاطبة، لأن أحدنا قد يقول لغيره إذا خاطبه: " أرأيت رحمك الله، وغفر الله لك " وهو لا يقصد إلى الاستصفاح له عن عقاب ذنوبه، بل ربما لم يخطر بباله ان له ذنبا، وإنما الغرض الإجمالي في المخاطبة واستعمال ما قد صار في العادة علما على تعظيم المخاطب وتوقيره.
وأما قوله تعالى: * (لم أذنت لهم) * فظاهر الاستفهام، والمراد به التقرير (3) واستخراج ذكر علة إذنه، وليس بواجب حمل ذلك على العتاب (4)، لأن أحدنا قد يقول لغيره: لم فعلت كذا وكذا؟ تارة معاتبا وأخرى مستفهما، وتارة مقررا.
فليست هذه اللفظة خاصة للعتاب (5) والأنكار. وأكثر ما يقتضيه وغاية ما يمكن أن يدعى فيها أن تكون دالة على أنه (صلى الله عليه وآله) ترك الأولى [والأفضل، وقد بينا ان ترك الأولى] ليس بذنب، وإن كان الثواب ينقص معه. فإن الأنبياء (عليهم السلام) يجوز أن يتركوا كثيرا من النوافل. وقد يقول أحدنا لغيره إذا ترك الندب: لم تركت الأفضل؟ ولم عدلت عن الأولى؟ ولا يقتضي إنكارا ولا قبيحا.
[تنزيه سيدنا محمد (صلى الله عليه وآله) عن الوزر:]