الأول فليس يجوز أن يخالف ما أوحي إليه، ولم يقل (1) أحد أيضا في هذا الباب انه (صلى الله عليه وآله) خالف النص في باب الأسارى، وإنما يدعي عليه أنه فعل ما كان الصواب عند الله خلافه، وكيف يكون قتلهم منصوصا عليه بعد الأسر وهو يشاور فيه الأصحاب ويسمع فيه المختلف من الأقوال، وليس لأحد أن يقول إذا جاز أن يشاور في قتلهم أو استحيائهم، وعنده (2) نص بالاستحياء، فهلا (3) جاز أن يشاور وعنده نص في القتل، وذلك أنه لا يمتنع أن يكون أمر بالمشاورة قبل أن ينص له على أحد الأمرين، ثم أمر بما يوافق أحد المشورتين فاتبعه. وهذا لا يمكن المخالف أن يقول مثله.
وإن كان لم يوح إليه في باب الأسارى بشئ ووكل إلى اجتهاده ومشورة أصحابه، فما باله يعاتب وقد فعل ما أداه إليه الاجتهاد والمشاورة؟ وأي لوم على من فعل الواجب ولم يخرج عنه؟ وهذا يدل على أن من أضاف إليه (صلى الله عليه وآله) المعصية قد ضل عن وجه الجواب.
[تنزيه سيدنا محمد (صلى الله عليه وآله) عن المعاتبة في أمر المتخلفين:] مسألة: فإن قيل فما الوجه في قوله (4) تعالى لنبيه (صلى الله عليه وآله) لما استؤذنه قوم في التخلف عن الخروج معه إلى الجهاد فأذن لهم: * (عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين) * (5) أو ليس العفو لا يكون إلا عن