يجوز توسعا وتجوزا أن تضاف ذنوبهم إليه.
ومنها: أنه سمى ترك (1) الندب ذنبا، وحسن ذلك، لأنه (صلى الله عليه وآله) ممن لا يخالف الأوامر إلا هذا الضرب من الخلاف، ولعظم منزلته وقدره جاز أن يسمي بالذنب منه ما إذا وقع من غيره لم يسم ذنبا، وهذا الوجه يضعفه على بعد هذه التسمية أنه لا يكون معنى لقوله: " إنني أغفر ذنبك " ولا وجه في معنى الغفران (2) [أن] يليق بالعدول عن الندب (3).
ومنها: أن القول (4) خرج مخرج التعظيم وحسن الخطاب، قلناه في قوله تعالى: * (عفا الله عنك لم أذنت لهم) *، وهذا ليس بشئ، لأن العادة [قد] جرت فيما يخرج هذا المخرج من الألفاظ أن يجري مجرى الدعاء، مثل قولهم : " غفر الله لك "، " وليغفر الله لك " وما أشبه ذلك. ولفظ الآية بخلاف هذا، لأن المغفرة جرت فيها مجرى الجزاء والغرض (5) في الفتح.
في هذه الآية وجها اخترناه وهو أشبه بالظاهر مما تقدم، وهو أن يكون المراد بقوله: * (ما تقدم من ذنبك) * الذنوب إليك، لأن الذنب مصدر والمصدر يجوز إضافته إلى الفاعل والمفعول معا، ألا ترى أنهم يقولون: " أعجبني ضرب زيد عمرا " إذا أضافوه إلى الفاعل، " وأعجبني ضرب زيد عمرا " إذا أضافوه إلى المفعول؟ ومعنى المغفرة على هذا التأويل هي الإزالة والفسخ (6) والنسخ