تنزيه الأنبياء والأئمة (ع) - فارس حسون كريم - الصفحة ٢٢٨
لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم) * (1).
أو ليس هذا يقتضي عتابه على استبقاء (2) الأسارى وأخذ عرض الدنيا عوضا عن قتلهم؟
الجواب: قلنا: ليس في ظاهر الآية (3) ما يدل على أنه (صلى الله عليه وآله) عوتب في شأن الأسارى، بل لو قيل: إن الظاهر يقتضي توجه الآية إلى غيره لكان أولى، لأن قوله تعالى: * (تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة) *، وقوله تعالى: * (لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم) *، لا شك أنه لغيره، فيجب أن يكون المعاتب سواه، والقصة في هذا الباب معروفة، والرواية بها متظافرة (4) ، لأن الله تعالى أمر نبيه (صلى الله عليه وآله) بأن يأمر أصحابه بأن يثخنوا في قتل أعدائهم بقوله تعالى: * (فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان) * (5) وبلغ النبي (صلى الله عليه وآله) ذلك إلى أصحابه فخالفوه، وأسروا يوم بدر جماعة من المشركين طمعا في الفداء، فأنكر الله تعالى ذلك عليهم، وبين ان الذي أمر به سواه.
فإن قيل: فإذا كان النبي (صلى الله عليه وآله) خارجا عن العتاب فما معنى قوله تعالى:
* (ما كان لنبي أن يكون له أسرى) *؟
قلنا: الوجه في ذلك [بين]، لأن الأصحاب إنما أسروهم ليكونوا في يده (صلى الله عليه وآله)، فهم أسراؤه على الحقيقة ومضافون إليه، وإن كان لم يأمرهم (6) بأسرهم،

(١) سورة الأنفال: ٦٧: ٦٨.
(٢) في " ش ": استيفاء.
(٣) في " م، ش ": التلاوة.
(٤) في " م، ش ": متظاهرة.
(٥) سورة الأنفال: ١٢.
(6) في " ش ": يأمر، وفي " م ": وإن كان لم يأسرهم بل...
(٢٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 ... » »»