تنزيه الأنبياء والأئمة (ع) - فارس حسون كريم - الصفحة ٢٢٩
بل أمر بخلافه.
فإن قيل: أفما شاهدهم النبي (صلى الله عليه وآله) وقت الأسر فكيف لم ينههم (1) عنه؟
قلنا: ليس يجب أن يكون (صلى الله عليه وآله) مشاهدا لحال الأسر، لأنه (صلى الله عليه وآله) كان - على ما وردت به الرواية - يوم بدر جالسا في العريش، ولما تباعد أصحابه عنه أسروا من أسروه من المشركين بغير علمه (صلى الله عليه وآله).
فإن قيل: فما بال النبي (صلى الله عليه وآله) لم يأمر بقتل الأسارى (2) لما صاروا في يده وإن كان خارجا من المعصية وموجب العتاب، أو ليس لما استشار أصحابه فأشار عليه أبو بكر باستبقائهم، وعمر باستئصالهم، رجع إلى رأي أبي بكر، حتى روي (3) أن العتاب [كان] من أجل ذلك.
قلنا: أما الوجه في أنه (عليه السلام) لم يقتلهم فظاهر، لأنه غير ممتنع أن تكون المصلحة في قتلهم وهم محاربون، وأن يكون القتل أولى من الأسر، فإذا أسروا تغيرت المصلحة وكان استبقاؤهم أولى، والنبي (صلى الله عليه وآله) لم يعمل برأي أبي بكر إلا بعد أن وافق ذلك ما نزل به الوحي عليه. وإذا كان القرآن لا يدل بظاهر ولا فحوى على وقوع معصية منه (صلى الله عليه وآله) في هذا [الباب] فالرواية الشاذة لا يعول عليها ولا يلتفت إليها.
وبعد: فلسنا ندري من أي وجه تضاف المعصية إليه (صلى الله عليه وآله) في هذا الباب، لأنه لا يخلو من أن يكون أوحي (4) إليه (صلى الله عليه وآله) في باب الأسارى بأن يقتلهم، أو لم يوح إليه فيه بشئ، ووكل [ذلك] إلى اجتهاده ومشورة أصحابه، فإن كان

(1) في " م ": ينهرهم.
(2) في " ش ": الأسرى.
(3) في " ش ": رأى.
(4) في " ش ": نزل الوحي، أوحي - خ -.
(٢٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 ... » »»