تنزيه الأنبياء والأئمة (ع) - فارس حسون كريم - الصفحة ٢٣٦
لأحكام أعدائه من المشركين عليه، وذنوبهم إليه في منعهم إياه عن مكة، وصدهم له عن المسجد الحرام.
وهذا التأويل يطابق ظاهر الكلام حتى تكون المغفرة غرضا في الفتح ووجها له. [وإلا] فإذا أراد مغفرة ذنوبه لم يكن لقوله: * (إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر) * معنى معقول، لأن المغفرة للذنوب لا تعلق لها بالفتح، وليست (1) غرضا فيه.
وأما قوله تعالى: * (ما تقدم من ذنبك وما تأخر) *، فلا يمتنع أن يريد به ما تقدم زمانه من فعلهم القبيح بك وبقومك (2) وما تأخر، وليس لأحد أن يقول:
[إن] سورة الفتح نزلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين مكة والمدينة وقد انصرف من الحديبية.
وقال قوم من المفسرين: إن الفتح أراد به فتح خيبر، لأنه كان تاليا لتلك (3) الحال، وقال آخرون: بل أراد به: أنا قضينا لك في الحديبية قضاء حسنا، فكيف يقولون ما لم يقله أحد (4) من أن المراد بالآية فتح مكة؟، والسورة [قد نزلت] قبل ذلك بمدة طويلة، وذلك أن السورة وإن كانت نزلت في الوقت الذي ذكر وهو قبل فتح مكة، فغير ممتنع أن يريد بقوله تعالى: * (إنا فتحنا لك فتحا مبينا) * فتح مكة، ويكون [ذلك] على طريق البشارة له والحكم بأنه سيدخل مكة وينصره الله على أهلها. ولهذا نظائر في القرآن والكلام كثير.
ومما بقوي أن الفتح في السورة أراد به فتح مكة قوله تعالى:

(1) في " ع ": إذ ليست.
(2) في " ع ": لك ولقومك.
(3) في " ش ": كان يلي تلك.
(4) في " ش ": فكيف يقول ما لم يقل به أحد؟
(٢٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 ... » »»