لأحكام أعدائه من المشركين عليه، وذنوبهم إليه في منعهم إياه عن مكة، وصدهم له عن المسجد الحرام.
وهذا التأويل يطابق ظاهر الكلام حتى تكون المغفرة غرضا في الفتح ووجها له. [وإلا] فإذا أراد مغفرة ذنوبه لم يكن لقوله: * (إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر) * معنى معقول، لأن المغفرة للذنوب لا تعلق لها بالفتح، وليست (1) غرضا فيه.
وأما قوله تعالى: * (ما تقدم من ذنبك وما تأخر) *، فلا يمتنع أن يريد به ما تقدم زمانه من فعلهم القبيح بك وبقومك (2) وما تأخر، وليس لأحد أن يقول:
[إن] سورة الفتح نزلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين مكة والمدينة وقد انصرف من الحديبية.
وقال قوم من المفسرين: إن الفتح أراد به فتح خيبر، لأنه كان تاليا لتلك (3) الحال، وقال آخرون: بل أراد به: أنا قضينا لك في الحديبية قضاء حسنا، فكيف يقولون ما لم يقله أحد (4) من أن المراد بالآية فتح مكة؟، والسورة [قد نزلت] قبل ذلك بمدة طويلة، وذلك أن السورة وإن كانت نزلت في الوقت الذي ذكر وهو قبل فتح مكة، فغير ممتنع أن يريد بقوله تعالى: * (إنا فتحنا لك فتحا مبينا) * فتح مكة، ويكون [ذلك] على طريق البشارة له والحكم بأنه سيدخل مكة وينصره الله على أهلها. ولهذا نظائر في القرآن والكلام كثير.
ومما بقوي أن الفتح في السورة أراد به فتح مكة قوله تعالى: