تنزيه الأنبياء والأئمة (ع) - فارس حسون كريم - الصفحة ٢٢٤
أبنائهم (1)، فأوحى [الله] تعالى إلى نبيه (صلى الله عليه وآله) ان زيد بن حارثة - وهو دعي رسول الله (صلى الله عليه وآله) - سيأتيه مطلقا زوجته. وأمره أن يتزوجها بعد فراق زيد لها ليكون ذلك ناسخا لسنة الجاهلية التي تقدم ذكرها.
فلما حضر زيد مخاصما زوجته عازما على طلاقها، أشفق الرسول (صلى الله عليه وآله) من أن يمسك عن وعظه وتذكيره، لا سيما وقد كان يتصرف على أمره وتدبيره، فرجف المنافقون به (صلى الله عليه وآله) إذا تزوج المرأة ويقذفونه بما قد نزهه الله تعالى عنه، فقال له: * (أمسك عليك زوجك) * تبرؤا مما ذكرناه (2) وتنزها، وأخفى في نفسه على نكاحها بعد طلاقه لها لينتهي إلى أمر الله تعالى فيها، ويشهد بصحة هذا التأويل قوله تعالى: * (فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكيلا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا وكان أمر الله مفعولا) * (3) فدل على أن العلة في أمره بنكاحها (4) ما ذكرناه من نسخ السنة المتقدمة.
فإن قيل: العتاب باق على كل حال لأنه قد [كان] ينبغي أن يظهر ما أظهره (5)، ويخشى الله ولا يخشى الناس.
قلنا: أكثر ما في الآية إذا سلمنا نهاية الاقتراح فيها أن يكون (صلى الله عليه وآله) فعل ما غيره أولى منه، وليس [أن] يكون (صلى الله عليه وآله) بترك الأولى عاصيا.
وليس يمتنع على هذا الوجه أن يكون صبره على قرف (6) أ المنافقين

(١) في " ش ": أنبيائهم.
(٢) في " م ": ذكره.
(٣) سورة الأحزاب: ٣٧.
(4) في " ع ": في نكاحها.
(5) في " ع ": ما أظهره.
(6 / أ) في " م ": قرب، وفي " ع ": قذف. والقرن: الرمي.
(٢٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 ... » »»