فإذا قالوا: إن في المعصية معنى الظلم. إن لم يكن ضررا يوصل إلى الغير من حيث نقصت ثواب فاعلها.
قلنا: وهذا المعنى يصح في الندب، على أن يجري ما يستحق في الامتناع من (1) القول بالموازنة في الاحتياط (2) لا يمكنه أن يجيب بهذا الجواب، فعلى أي وجه يا ليت شعري يجعل معصية يونس (عليه السلام) ظلما، وليس فيها من معنى الظلم شئ؟!
وأما قوله تعالى: * (فصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت) * (3) فليس (4) على ما ظنه الجهال من أنه (عليه السلام) ثقل عليه أعباء النبوة لضيق خلقه، فقذفها. وإنما الصحيح أن يونس (عليه السلام) لم يقو على الصبر على تلك المحنة التي ابتلاه الله تعالى بها وعرضه بنزولها به لغاية الثواب، فشكا إلى الله تعالى منها وسأله الفرج والخلاص، ولو صبر لكان أفضل، فأراد الله تعالى لنبيه (عليه السلام) أفضل المنازل وأعلاها.