تنزيه الأنبياء والأئمة (ع) - فارس حسون كريم - الصفحة ٢٠٧
والخضوع بين يديه، لأنه لما دعاه لكشف (1) ما امتحنه به وسأله أن ينجيه من الظلمات التي هي ظلمة البحر، وظلمة بطن الحوت، [وظلمة الليل]، فعل ما يفعله الخاضع الخاشع من الانقطاع والاعتراف بالتقصير (2)، وليس لأحد أن يقول: كيف يعترف بأنه كان من الظالمين ولم يقع منه ظلم، وهل هذا إلا الكذب بعينه؟ وليس يجوز أن يكذب النبي (عليه السلام) في حال الخضوع ولا غيره، وذلك أنه يمكن أن يريد بقوله: * (إني كنت من الظالمين) * أي من الجنس الذي (3) يقع منهم الظلم، فيكون صدقا، وإن ورد على سبيل الخضوع والخشوع، لأن جنس البشر لا يمتنع منه وقوع الظلم.
فإن قيل: فأي فائدة في أن يضيف نفسه إلى الجنس الذي يقع منهم الظلم إذا كان الظلم منتفيا في نفسه؟
قلنا: الفائدة في ذلك التطامن لله تعالى، والتخاضع، ونفي التكبر والتجبر، لأن من كان مجتهدا في رغبة (4) إلى ملك (5) قدير، فلا بد [من] أن يتطأطأ [له] ، ويجتهد في الخضوع بين يديه، ومن أكبر الخضوع أن يصيف نفسه إلى القبيل الذين (6) يخطئون ويصيبون، كما يقول الإنسان - إذا أراد أن يكسر نفسه وينفي عنها دواعي الكبر والخيلاء -: إنما أنا من البشر ولست من الملائكة، وأنا ممن يخطئ ويصيب. وهو لا يريد إضافة الخطأ إلى نفسه في الحال، بل تكون

(1) في " م ": فكشف، وفي " ش ": دعي لكشف.
(2) في " م ": والتقصير.
(3) في " م ": الذين. وكذا في الموضع الآتي.
(4) في " ش ": رغبته.
(5) في " ع ": مالك.
(6) في " ش، ع ": الذي.
(٢٠٧)
مفاتيح البحث: الظلم (5)، الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 201 202 203 205 206 207 208 209 210 211 212 ... » »»