تنزيه الأنبياء والأئمة (ع) - فارس حسون كريم - الصفحة ٢٠٣
تريد ثم (1) لا أطيع أحدا سواك، ولا تريد بلفظة " بعد " المستقبل، وهذا وجه قريب.
وقد ذكر أيضا في هذه [الآية] ومما لم (2) يذكر فيها مما يحتمله الكلام أن يكون (عليه السلام) إنما سأل ملك الآخرة وثواب الجنة الذي لا يناله المستحق إلا بعد انقطاع التكليف وزوال المحنة، فمعنى قوله: * (لا ينبغي لأحد من بعدي) * أي لا يستحقه بعد وصولي إليه أحد من حيث لا يصح أن يعمل ما يستحق به لانقطاع التكليف.
ويقوي هذا الجواب قوله: * (رب اغفر لي) * وهو من أحكام الآخرة.
وليس لأحد أن يقول: إن ظاهر الكلام بخلاف ما تأولتم، لأن لفظة بعدي لا يفهم منها [بعد] وصولي إلى الثواب، لأنه لا بد [من] أن تعلق لفظة بعدي بشئ من أحواله المتعلقة (3) به، وإذا علقناها بوصوله إلى الملك كان ذلك في الفائدة ومطابقة الكلام كغيره مما يذكر في هذا الباب.
ألا ترى أنا إذا حملنا لفظة " بعدي " على [بعد] نبوتي أو بعد مسألتي أو ملكي، كان ذلك كله في حصول الفائدة به - يجري مجرى أن تحملها على (4) بعد وصولي إلى الملك؟ فإن ذلك مما يقال فيه أيضا: " بعدي ". ألا ترى ان القائل يقول: " دخلت الدار بعدي " و " وصلت إلى كذا وكذا بعدي "، وانما يريد:
بعد دخولي، وبعد وصولي، وهذا واضح بحمد الله تعالى [ومنه].

(1) في " ش، ع ": و.
(2) في " ش ": وفيما لم، وفي " ع ": ومما لا.
(3) في " م ": الملقة، وفي " ش ": لتعلقه.
(4) في " ع ": إلى.
(٢٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 198 199 200 201 202 203 205 206 207 208 209 ... » »»