تنزيه الأنبياء والأئمة (ع) - فارس حسون كريم - الصفحة ٢١١
ادعاه عليه.
وفيه وجه آخر: وهو أنه تعالى أراد بهذا القول تعريف عيسى (عليه السلام) أن قوما قد اعتقدوا فيه وفي أمه أنهما إلهان، لأنه ممكن أن يكون عيسى (عليه السلام) لم يعرف ذلك [إلا] في تلك الحال. ونظيره في التعارف أن يرسل الرجل رسولا إلى قوم فيبلغ الرسول رسالته ويفارق القوم فيخالفونه بعده ويبدلون ما أتى به وهو لا يعلم، ويعلم [المرسل] المرسل له ذلك، فإذا أحب أن يعلمه مخالفة القوم له جاز أن يقول [له] " أأنت أمرتهم بكذا وكذا " على سبيل الأخبار [له] بما صنعوا (1).
[بيان معنى النفس في اللغة:] فأما قوله (عليه السلام) * (تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك) * فإن لفظة النفس تنقسم [في اللغة] إلى معان مختلفة:
فالنفس نفس الإنسان وغيره من الحيوان، وهي التي إذا فقدها خرج عن كونه حيا. ومنه قوله تعالى: * (كل نفس ذائقة الموت) * (2).
والنفس أيضا ذات الشئ الذي يخبر عنه كقولهم: " فعل ذلك فلان نفسه "، إذا تولى فعله. " وأعطى كذا وكذا بنفسه ".
والنفس أيضا: الأنفة، كقولهم: " ليس لفلان نفس "، أي لا أنفة له.
والنفس أيضا: الإرادة، يقولون: " نفس فلان في كذا [وكذا] أي إرادته.
قال الشاعر:

(١) في " م، ش ": صنعوه.
(٢) سورة آل عمران: ١٨٥، سورة الأنبياء: 35، سورة العنكبوت: 57.
(٢١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 ... » »»