الفائدة ما ذكرناها.
ووجه آخر: وهو أنا قد بينا في قصة آدم (عليه السلام) لما تأولنا قوله تعالى: * (ربنا ظلمنا أنفسنا) * (1) ان المراد بذلك: انا نقصناها الثواب وبخسناها حظها منه، لأن الظلم في أصل اللغة هو النقص والثلم، ومن ترك المندوب إليه، وهو لو فعله لا يستحق الثواب، يجوز أن يقال (2): إنه ظلم نفسه من حيث نقصها ذلك الثواب، وليس يمتنع أن يكون يونس (عليه السلام) أراد هذا المعنى، لأنه لا محالة قد ترك كثيرا من المندوب (3)، فإن استيفاء (4) جميع الندب يتعذر، وهذا أولى مما ذكر (5) من جوز الصغائر على الأنبياء (عليهم السلام)، لأنهم يدعون أن خروجه كان بغير إذن من الله تعالى له، فكان قبيحا صغيرا، وليس ذلك بواجب على ما ظنوه، لأن ظاهر القرآن لا يقتضيه وإنما أوقعهم في هذه الشبهة قوله: * (إني كنت من الظالمين) *.
وقد بينا وجه ذلك وأنه ليس بواجب أن يكون خبرا عن المعصية.
وليس لهم أن يقولوا: كيف يسمى من ترك النفل بأنه ظالم؟ وذلك أنا (6) قد بينا وجه هذه التسمية في اللغة وإن كان إطلاق اللفظ في العرف لا يقتضيه.
وعلى من سأل عن ذلك مثله إذا قيل له: كيف يسمي كل من فعل (7) معصية بأنه ظالم، وإنما الظلم المعروف هو الضرر المحض الموصل إلى الغير؟