تنزيه الأنبياء والأئمة (ع) - فارس حسون كريم - الصفحة ٢١٤
فإن قيل: فما وجه تسمية الغيب بأنه نفس؟
قلنا: لا يمتنع أن يكون الوجه في ذلك أن نفس الانسان لما كانت خفية الموضع [الذي يودعه سرها]، أنزل ما يكتمه ويجهد في ستره (1) منزلتها، فقيل فيه " إنه نفس " مبالغة في وصفه بالكتمان والخفاء، وإنما حسن أن يقول مخبرا عن نبيه (عليه السلام): * (ولا أعلم ما في نفسك) * من حيث تقدم قوله: * (تعلم ما في نفسي) * ليزدوج الكلام، فلهذا لا يحسن ابتداء أن يقول: أنا لا أعلم ما في نفس الله تعالى و [إن] حسن على الوجه الأول. ولهذا نظائر في الكلام مشهورة.
[حول تفويضه الأمر لله تعالى:] مسألة: فإن قيل: فما معنى قوله تعالى حاكيا عن عيسى (عليه السلام): * (إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم) * (2) وكيف يجوز هذا القول (3) مع علمه (عليه السلام) بأنه تعالى لا يغفر للكفار؟
الجواب: قلنا: المعنى بهذا الكلام تفويض الأمر إلى مالكه وتسليمه إلى مدبره (4)، والتبرؤ من أن يكون إليه شئ من أمور قومه. وعلى هذا أحدنا إذا أراد أن يتبرأ من تدبير أمر من الأمور، ويسلم منه، ويفوض أمره إلى غيره، [ يقول]: " " هذا الأمر لا مدخل لي فيه، فإن شئت أن تفعله، وإن شئت أن تتركه "، مع علمه وقطعه على أن أحد الأمرين لابد أن يكون (5) منه. وإنما حسن منه

(١) في " ع): سره.
(٢) سورة المائدة: ١١٨.
(3) في " ع ": المعنى.
(4) في " ش، ع ": مديره.
(5) في " م ": أحد الأمرين لا يكون.
(٢١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 ... » »»