التمييز والتكليف، وإنما كان غضبه (عليه السلام) على قومه لبقائهم (1) على تكذيبه، وإصرارهم على الكفر، ويأسه من إقلاعهم وتوبتهم، فخرج من بينهم خوفا من أن ينزل العذاب بهم وهو مقيم بينهم.
وأما قوله تعالى: * (فظن أن لن نقدر عليه) * فمعناه أنا (2) لا نضيق عليه المسلك ونشدد عليه المحنة والتكليف، لأن ذلك مما يجوز أن يظنه النبي (عليه السلام)، ولا شبهة في أن قول القائل قدرت وقدرت - بالتخفيف والتشديد - معناه التضييق.
قال الله تعالى: * (ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما أتاه الله) * (3).
وقال الله تعالى: * (الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر) * (4) أي يوسع ويضيق.
وقال تعالى: * (وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه) * (5) أي ضيق، والتضييق الذي قدره الله عليه هو ما لحقه من الحصول في بطن الحوت وما لحقه (6) في ذلك من المشقة الشديدة إلى أن نجاه الله تعالى منها.
وأما قوله تعالى: * (فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) * (7) فهو على سبيل الانقطاع إلى الله تعالى، والخشوع له،