تعالى أعلم سليمان (عليه السلام) أنه إن سأل ملكا لا يكون لغيره كان أصلح له في الدين والاستكثار من الطاعات، وأعلمه أن غيره لو سأل ذلك لم يجب إليه من حيث لا صلاح (1) له فيه.
ولو أن أحدنا صرح في دعائه بهذا الشرط حتى يقول: " اللهم اجعلني أيسر أهل زماني، وارزقني ما لا يساويني فيه غيري إذا علمت أن ذلك أصلح لي وأنه أدعى إلى ما تريده مني، لكان هذا الدعاء منه حسنا جميلا وهو غير منسوب [به] إلى بخل ولا شح. ولا (2) يمتنع أن يسأل النبي (عليه السلام) هذه المسألة من غير إذن (3) إذا لم يكن [شرط] ذلك بحضرة قومه، بعد أن يكون هذا الشرط مرادا فيها، وإن لم يكن منطوقا [به. و] على هذا الجواب اعتمد أبو علي الجبائي.
ووجه آخر: وهو أن يكون (عليه السلام) إنما التمس أن يكون ملكه آية لنبوته ليتبين بها من (4) غيره ممن ليس بنبي (5). وقوله: * (لا ينبغي لأحد من بعدي) * أراد به لا ينبغي لأحد غيري ممن أنا (6) مبعوث إليه، ولم يرد من بعده (7) إلى يوم القيامة من النبيين (عليهم السلام).
ونظير ذلك انك تقول للرجل: " أنا أطيعك (8) ثم لا أطيع أحدا بعدك "،