تنزيه الأنبياء والأئمة (ع) - فارس حسون كريم - الصفحة ٢١٥
ذلك لما أخرج كلامه مخرج التفويض والتسليم.
وقد روي عن الحسن أنه قال: معنى الآية: إن تعذبهم فبإقامتهم على كفرهم وإن تغفر لهم فبتوبة كانت منهم، فكأنه اشترط التوبة وإن لم يكن الشرط ظاهرا في الكلام (1).
فإن قيل: فلم لم يقل: وإن تغفر لهم فإنك أنت الغفور الرحيم؟ فهو أليق بالكلام (2) ومعناه من العزيز الحكيم؟
قلنا: هذا سؤال من لم يعرف معنى الآية، لأن الكلام لم يخرج مخرج مسألة غفران، فيليق بما ذكر في السؤال، وإنما ورد على معنى تسليم الأمر إلى مالكه. فلو قيل: فإنك أنت الغفور الرحيم، لأوهم الدعاء لهم بالمغفرة، ولم يقصد [ذلك] بالكلام، على أن قوله: * (العزيز الحكيم) * أبلغ [في المعنى] وأشد استيفاء [له] من " الغفور الرحيم "، وذلك أن الغفران والرحمة قد يكونان حكمة وصوابا، ويكونا بخلاف ذلك، فهما بالاطلاق لا يدلان على الحكمة والحسن. والوصف بالعزيز الحكيم يشتمل على معنى الغفران والرحمة، وإذا كانا صوابين، ويزيد عليهما باستيفاء معان كثيرة، لأن العزيز هو المنيع القادر الذي لا يذل ولا يضام، وهذا المعنى لا يفهم من الغفور الرحيم ألبته. وأما الحكيم فهو الذي يضع الأشياء مواضعها ويصيب بها أغراضها، ولا يفعل إلا الحسن الجميل، فالمغفرة والرحمة إذا اقتضتهما الحكمة دخلتا في قوله : * (العزيز الحكيم) *، وزاد معنى هذا اللفظ (3) عليهما من حيث اقتضى وصفه

(١) تفسير التبيان: ٤ / 71، مجمع البيان: 3 / 461.
(2) في " ع ": في الكلام.
(3) في " ع ": هذه اللفظة.
(٢١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 ... » »»