فقلت لهم ظنوا بإلقاء (1) مذحج * سراتهم في الفارسي المسرد [من الطويل] [أي: أيقنوا]. والفتنة في قوله: * (وظن داود أنما فتناه) * (2) هي الاختبار والامتحان لا وجه لها إلا ذلك في هذا الموضع، كما قال [الله] تعالى: * (وفتناك فتونا) * (3).
فأما الاستغفار والسجود فلم يكونا لذنب كان في الحال، ولا فيما سلف على ما ظنه بعض من تكلم في هذا الباب، بل على سبيل الانقطاع إلى الله تعالى، والخضوع له، والتذلل والعبادة والسجود، وقد يفعله الناس كثيرا عند النعم التي تتجدد عليهم وتنزل [وتؤول وترد] إليهم شكرا لمولاها (4)، وكذلك قد يسبحون ويستغفرون الله تعالى تعظيما وشكرا وعبادة.
وأما قوله تعالى: * (وخر راكعا وأناب) * (5) فالإنابة هي الرجوع. ولما كان داود (عليه السلام) بما فعله راجعا إلى الله تعالى ومنقطعا إليه (6)، قيل فيه: إنه أناب، كما يقال في التائب الراجع إلى التوبة والندم: إنه منيب.
فأما قوله تعالى: * (فغفرنا له ذلك) * فمعناه أنا قبلنا (7) منه وكتبنا له الثواب