فإذا كان لابد في الكلام من إضمار فليس لهم أن (1) يضمروا شيئا بأولى منا إذا أضمرنا سواه.
فأما قوله: * (إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة) * إلى آخر الآية، فإنما هو أيضا على جهة التقدير والتمثيل اللذين قدمناهما، وحذف من الكلام ما يقتضي فيه التقدير.
ومعنى قوله: * (وعزني في الخطاب) * أي صار أعز مني، وقيل: إنه أراد:
قهرني وغلبني.
وأما قوله: لقد ظلمك من غير مسألة الخصم، فإن المراد به (2): إن كان الأمر على ما (3) ذكرت، ومعنى ظلمك: أي نقصك وثلمك، كما قال الله تعالى:
* (أتت اكلها ولم تظلم منه شيئا) * (4).
ومعنى ظن قيل فيه وجهان:
أحدهما: أنه أراد الظن المعروف الذي هو خلاف اليقين.
والوجه الآخر: أنه أراد العلم اليقين، لأن الظن قد يرد بمعنى العلم. قال الله تعالى: * (ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها) * (5) وليس يجوز أن يكون أهل الآخرة ظانين لدخول النار، بل عالمين قاطعين.
وقال الشاعر: