تنزيه الأنبياء والأئمة (ع) - فارس حسون كريم - الصفحة ١٧٦
الاستفهام والتقرير دون القطع، ألا ترى إلى قوله: * (أخرقتها لتغرق أهلها) * (1) وإلى قوله: * (أقتلت نفسا زكية بغير نفس) * (2)؟ ومعلوم أنه [إن] كان قصد بخرق السفينة إلى التغريق، فقد أتى منكرا. وكذلك إن كان قتل النفس على سبيل الظلم.
وأما قوله: * (لا تؤاخذني بما نسيت) * (3) فقد ذكر فيه وجوه ثلاثة:
أحدها (4): أنه أراد النسيان المعروف، وليس ذلك بعجب مع قصر المدة، فإن الإنسان قد ينسى ما قرب زمانه لما يعرض له من شغل القلب وغير ذلك.
والوجه الثاني: انه أراد: لا تأخذني بما تركت، ويجري [ذلك] مجرى قوله تعالى: * (ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي) * (5) أي ترك، وقد روي هذا الوجه عن ابن عباس [و] عن أبي بن كعب، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: " قال [له] موسى: * (لا تؤاخذني بما نسيت) * " يقول: بما تركت من عهدك (6).
والوجه الثالث: أنه أراد: لا تؤاخذني بما فعلته مما يشبه النسيان، فسماه نسيانا للمشابهة، كما قال المؤذن لإخوة يوسف (عليه السلام): * (إنكم لسارقون) * (7) أي إنكم تشبهون السراق. وكما يتأول الخبر الذي يرويه أبو هريرة عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: " كذب إبراهيم (عليه السلام) ثلاث كذبات في قوله: سارة أختي، وفي قوله: * (بل

(١) سورة الكهف: ٧١، ٧٤، ٧٣.
(٢) سورة الكهف: ٧١، ٧٤، ٧٣.
(٣) سورة الكهف: ٧١، ٧٤، ٧٣.
(٤) في " م ": أحدهن.
(٥) سورة طه: ١١٥.
(٦) تفسير الطبري: ١٥ / ١٨٤ - ١٨٥.
(٧) سورة يوسف: ٧٠.
(١٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 ... » »»