تنزيه الأنبياء والأئمة (ع) - فارس حسون كريم - الصفحة ١٧٩
يقول (1) القائل: فرقت بين الرجلين خشية أن يقتتلا، أي كراهية لذلك، وعلى هذا التأويل والوجه الذي قلنا انه بمعنى العلم لا يمتنع أن تضاف الخشية إلى الله تعالى.
فإن قيل: فما معنى قوله تعالى: * (أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر) * (2) والسفينة البحرية تساوي المال الجزيل، وكيف يسمى مالكها بأنه مسكين، والمسكين عند قوم شر من الفقير؟ وكيف قال: * (وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا) * (3) ومن كان وراءهم قد سلموا من شره ونجوا من مكروهه وإنما الحذر مما يستقبل.
قلنا: أما قوله تعالى: * (لمساكين) * ففيه [عدة] وجوه (4):
منها: أنه لم يعن بوصفهم بالمسكنة الفقر، وإنما أراد عدم الناصر وانقطاع الحيلة، كما يقال لمن له عدو يظلمه ويهضمه: " إنه مسكين ومستضعف " وإن كان كثير المال واسع الحال. ويجري هذا المجرى ما روي عنه (عليه السلام) [من قوله]:
" مسكين [مسكين] رجل لا زوجة له " (5). وإنما أراد وصفه بالعجز وقلة الحيلة وإن كان ذا مال واسع.
ووجه آخر: وهو أن السفينة [الواحدة] البحرية التي لا يتعيش إلا بها ولا يقدر على التكسب إلا من جهتها، كالدار التي يسكنها الفقير هو وعياله ولا يجد سواها، فهو مضطر إليها ومنقطع الحيلة إلا منها، فإذا انضاف إلى ذلك أن يشاركه

(١) في " م ": لقول.
(٢) سورة الكهف: ٧٩.
(٣) سورة الكهف: ٧٩.
(٤) في " ع ": أوجه.
(٥) الترغيب والترهيب للمنذري: ٣ / ٤١ ح ٥، مجمع الزوائد: ٤ / ٢٥٢، الدر المنثور:
٣
/ ١٤٨، كنز العمال: ١٦ / 278 ح 44455.
(١٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 ... » »»