شاء الله مستطيعا (1). ومن حق الجواب أن يطابق الابتداء، فدل جوابه على أن الاستطاعة في الابتداء هي عبارة عن الفعل نفسه.
وأما قوله: * (ولا أعصي لك أمرا) * (2) فهو أيضا مشروط بالمشيئة، وليس بمطلق على ما ذكر في السؤال، فكأنه قال: ستجدني صابرا ولا أعصي لك أمرا إن شاء الله. وإنما قدم الشرط على الأمرين جميعا، وهذا ظاهر في الكلام.
وأما قوله تعالى: * (لقد جئت شيئا إمرا) * (3) فقد قيل: إنه أراد: [شيئا] عجبا، وقيل: إنه أراد شيئا منكرا، وقيل أيضا: إن الأمر هو الداهية. فكأنه قال:
جئت داهية. وقد ذهب بعض أهل اللغة إلى أن الأمر مشتق من الكثرة من أمر القوم إذا كثروا، وجعل عبارة عما كثر عجبه، وإذا حملت هذه اللفظة على العجب فلا سؤال فيها، وإن حملت على المنكر كان الجواب عنها وعن قوله:
* (لقد جئت شيئا نكرا) * (4) واحدا.
وفي ذلك وجوه:
منها: ان ظاهر ما أتيته المنكر ومن يشاهده ينكره قبل أن يعرف علته.
ومنها: أن يكون حذف الشرط فكأنه أراد (5): إن كنت قتلته ظلما (6) فقد جئت شيئا نكرا.
ومنها: انه أراد: انك أتيت أمرا بديعا غريبا، فإنهم يقولون فيما يستغربونه ويجهلون علته انه نكر ومنكر، وليس يمكن أن يدفع خروج الكلام مخرج