تنزيه الأنبياء والأئمة (ع) - فارس حسون كريم - الصفحة ١٦٥
داناه.
قيل لكم: فكأنكم [قد] عدلتم عن (1) مجاز إلى مجاز، فلا قوة في هذا الوجه، والوجوه - التي ذكرناها في تقوية هذا الجواب - المتقدمة أولى، وليس لأحد أن يقول: لو كان موسى (عليه السلام) إنما سأل الرؤية لقومه لم يضف السؤال إلى نفسه فيقول: * (أرني أنظر إليك) *، ولا كان الجواب أيضا مختصا به في قوله:
* (لن تراني) *، وذلك أنه غير ممتنع وقوع الإضافة على هذا الوجه، مع أن المسألة كانت من أجل الغير إذا كان هناك دلالة تؤمن من اللبس، فلهذا يقول أحدنا إذا شفع في حاجة غيره للمشفوع إليه: " أسألك أن تفعل بي كذا وكذا، وتجيبني إلى كذا [وكذا]، ويحسن أن يقول المشفوع إليه: " قد أجبتك وشفعتك " (2) وما جرى مجرى هذه الألفاظ. وإنما حسن هذا لأن للسائل في المسألة غرضا، وإن رجعت إلى الغير لتحققه بها وتكلفه كتكلفه إذا اختصت به (3).
فإن قيل: كيف يسأل الرؤية لقومه مع علمه باستحالتها، ولئن جاز ذلك ليجوز أن يسأل لقومه سائر ما يستحيل عليه من كونه جسما وما أشبهه متى شكوا فيه؟
قلنا: إنما صحت المسألة في الرؤية ولم تصح فيما سألت عنه، لأن مع الشك في جواز الرؤية التي لا يقتضي كونه جسما يمكن (4) معرفة السمع، وانه تعالى حكيم صادق في اخباره، فيصح أن يعرفوا بالجواب الوارد من جهته

(1) في " م ": من.
(2) في " م ": أسعفتك.
(3) في " ش، ع ": اختصه.
(4) في " ش ": يمتنع يمكن.
(١٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 ... » »»