هؤلاء فيظنوا بك ما لا يجوز عليك ولا يليق بك، والله تعالى أعلم بمراده من كلامه.
[في قدرة موسى (عليه السلام) على الصبر، وتنزيهه عن النسيان:] مسألة: فإن قيل: فما وجه قوله تعالى فيما حكاه (1) عن موسى (عليه السلام) والعالم الذي كان صحبه - وقيل: إنه الخضر (عليه السلام) -، من الآيات التي ابتداؤها: * (فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمني مما علمت رشدا قال إنك لن تستطيع معي صبرا وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا قال ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شئ حتى أحدث لك منه ذكرا) * (2) إلى آخر الآيات المتضمنة لهذه القصة.
وأول ما تسألون عنه في هذه الآيات أن يقال لكم: كيف يجوز أن يتبع موسى (عليه السلام) غيره ويتعلم منه، وعندكم أن النبي (عليه السلام) لا [يجوز أن] يفتقر إلى غيره؟
وكيف يجوز أن يقول له: * (إنك لن تستطيع معي صبرا) * (3) والاستطاعة عندكم هي القدرة، وقد كان موسى (عليه السلام) على مذهبكم قادرا على الصبر؟
وكيف قال موسى (عليه السلام): * (ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا) * فاستثنى المشيئة في الصبر وأطلق فيما ضمنه من طاعته واجتناب معصيته؟
وكيف قال: * (لقد جئت شيئا إمرا) * أو * (شيئا نكرا) * (4)، وما أتي العالم