تنزيه الأنبياء والأئمة (ع) - فارس حسون كريم - الصفحة ١٧١
عنه نهي في المعنى عنهما.
و [قد] قال قوم: إن موسى (عليه السلام) لما جرى من قومه [من] بعده ما جرى اشتد حزنه وجزعه، ورأى من أخيه هارون (عليه السلام) مثل ما كان عليه من الجزع والقلق، أخذ برأسه إليه متوجعا له مسكنا له، كما يفعل أحدنا بمن تناله المصيبة العظيمة فيجزع لها ويقلق منها.
وعلى هذا الجواب يكون قوله: * (فلا تشمت بي الأعداء) * لا يتعلق (1) بهذا الفعل، بل يكون كلاما مستأنفا.
وأما قوله على هذا الجواب: * (لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي) *، فيحتمل أن يريد: [أن] لا تفعل ذلك وغرضك التسكين مني فيظن القوم أنك منكر علي.
وقال قوم في هذه الآية: إن بني إسرائيل كانوا على نهاية سوء الظن بموسى (عليه السلام)، حتى أن هارون (عليه السلام) كان غاب عنهم غيبة فقالوا لموسى (عليه السلام): أنت قتلته، فلما وعد الله تعالى موسى (عليه السلام) ثلاثين ليلة وأتمها له بعشر، وكتب له في الألواح [من] كل شئ (2)، وخصه بأمور شريفة جليلة الخطر بما أراه من الآية في الجبل، ومن كلام الله تعالى له، وغير ذلك من شريف الأمور، ثم رجع إلى أخيه، أخذ برأسه ليدنيه إليه، ويعلمه ما جدده (3) الله تعالى له من ذلك، ويبشره به، فخاف هارون (عليه السلام) أن يسبق إلى قلوبهم ما لا أصل له، فقال إشفاقا على موسى (عليه السلام): * (لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي) * لتسر إلي (4) بما تريده بين أيدي

(1) في " ش ": لا تعلق له.
(2) إشارة إلى قوله تعالى في سورة الأعراف: 142 و 145.
(3) في " ش ": حدد.
(4) في " ع ": لتبشرني.
(١٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 ... » »»