تنزيه الأنبياء والأئمة (ع) - فارس حسون كريم - الصفحة ١٦٧
رأيت الله إذ (1) سمى نزارا * وأسكنهم بمكة قاطنينا [من الوافر] واحتمال الرؤية للعلم أظهر من أن يدل عليه لاشتهاره ووضوحه. فقال الله تعالى [له]: * (لن تراني) * أي لن (2) تعلمني على هذا الوجه الذي التمسته، ثم أكد ذلك بأن أظهر في الجبل من الآيات والعجائب (3) ما دل به على أن المعرفة الضرورية في الدنيا مع التكليف وبيانه لا يجوز، فإن الحكمة تمنع منها، والوجه الأول أولى لما ذكرناه متقدما من الوجوه، لأن موسى (عليه السلام) لا يخلو من أن يكون شاكا في أن المعرفة الضرورية لا يصح حصولها في الدنيا، أو غير شاك، فإن كان شاكا فالشك فيما يرجع إلى أصول الديانات وقواعد التكليف لا يجوز على الأنبياء (عليهم السلام)، لا سيما وقد يجوز أن يعلم ذلك على حقيقته بعض أمتهم فيزيد عليهم في المعرفة، وهذا أبلغ في التنفير عنهم من كل شئ يمنع منه (4). وإن كان موسى (عليه السلام) عالما بذلك وغير شاك فيه، فلا وجه لسؤاله إلا أن يقال: إنه سأل لقومه، فيعود إلى معنى الجواب الأول.
فقد حكي جواب ثالث في هذه الآية عن بعض من تكلم في تأويلها من أهل التوجيه (5)، وهو انه قال: يجوز أن يكون موسى (عليه السلام) في وقت مسألته ذلك كان شاكا في جواز الرؤية عليه تعالى، فسأل عن ذلك ليعلم هل يجوز عليه أم لا، قال: وليس شكه في ذلك بمانع أن يعرف الله تعالى بصفاته، بل يجري

(1) في " ش ": إن.
(2) في " ع ": لم.
(3) في " م ": والمعجزات.
(4) في " ع ": منهم.
(5) في " م، ش ": التوحيد.
(١٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 ... » »»