جاز أن يراد بما لفظه لفظ [الخبر] النهي، جاز أن يراد بما لفظه لفظ الدعاء الخبر، فيكون المراد بالكلام: " فلن يؤمنوا ".
وقد ذكر أبو علي [الجبائي] ان قوما من أهل اللغة قالوا: إنه تعالى نصب قوله تعالى: * (فلا يؤمنوا) * وحذف منه النون. و [هو] يريد في المعنى " ولا يؤمنون " على سبيل الخبر عنهم، لأن قوله تعالى: * (فلا يؤمنوا) * وقع موقع جواب الأمر الذي هو قوله: * (ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم) * فلما وقع موقع جواب الأمر وفيه الفاء، نصبه بإضمار " أن "، لأن جواب الأمر بالفاء منصوب في اللغة، فنصب هذا لما أجراه مجرى الجواب، وإن لم يكن في الحقيقة جوابا. ومثله قول القائل: " انظر إلى الشمس تغرب " - بالجزم - وتغرب ليس (1) جواب الأمر على الحقيقة، لأنها لا تغرب لنظر هذا الناظر، ولكن لما وقع موقع الجواب أجراه مجراه في الجزم (2)، وإن لم يكن جوابا في (3) الحقيقة.
وقد ذكر أبو مسلم محمد بن بحر [الأصفهاني] في هذه الآية وجها آخر، وهو من أغرب ما ذكر فيها، قال: إن الله (4) تعالى [إنما] أتى فرعون وملأه الزينة والأموال في الدنيا على طريق العذاب لهم، والانتقام منهم، لما كانوا عليه من الكفر والضلال، وعلمه من أحوالهم في المستقبل من أنهم لا يؤمنون. ويجري [ذلك] مجرى قوله تعالى: * (فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون) * (5)، فسأل موسى (عليه السلام)