تعالى استحالة ما شكوا في جوازه، ومع الشك في كونه جسما لا يصح معرفة السمع، فلا ينتفع بجوابه ولا يثمر علما.
وقد قال بعض من تكلم في هذه الآية: قد كان جائزا أن يسأل موسى (عليه السلام) لقومه ما يعلم استحالته وإن كانت دلالة السمع لا تثبت قبل معرفته متى كان المعلوم أن في ذلك [الكلام] صلاحا للمكلفين في الدين، وأن ورود الجواب يكون لطفا لهم في النظر في الأدلة (1) وإصابة الحق منها، غير أن من أجاب بذلك شرط أن يبين النبي (عليه السلام) انه عالم (2) باستحالة ما سأل فيه، وأن غرضه في السؤال أن يرد الجواب فيكون لطفا.
وجواب آخر في الآية: وهو أن يكون موسى (عليه السلام) إنما سأل ربه تعالى أن يعلمه نفسه ضرورة بإظهار بعض اعلام الآخرة التي يضطر عندها إلى المعرفة، فتزول عنه الخواطر ومنازعة الشكوك والشبهات، ويستغني عن الاستدلالات (3)، فتخف المحنة عنه بذلك، كما سأل إبراهيم (عليه السلام) ربه تعالى أن يريه كيف يحيي الموتى طلبا لتخفيف المحنة، وإن كان قد عرف ذلك قبل أن يراه. والسؤال وإن وقع بلفظ الرؤية فإن الرؤية تفيد العلم كما تفيد الادراك بالبصر.
قال الشاعر (4):