تنزيه الأنبياء والأئمة (ع) - فارس حسون كريم - الصفحة ١٥٨
المجبرة (1) في أن الله تعالى يضل عن الدين، فرد بهذا الكلام عليه كما يقول أحدنا: " إنما أتيت عبدي من الأموال ما أتيته ليعصيني ولا يطيعني "، وهو إنما يريد الانكار على من يظن ذلك به، ونفي إضافة المعصية إليه (2).
وهذا الوجه لا يتصور إلا على أحد وجهين (3): إما بأن يقدر فيه الاستفهام وإن حذف حرفه، أو بأن تكون اللام في قوله: " ليعصيني " لام العاقبة التي قد تقدم بيانها، ومتى رفعنا من أوهامنا هذين الوجهين، لم يتصور أن (4) يكون الكلام خارجا مخرج النفي والانكار.
ورابعها: أن يكون أراد الاستفهام، فحذف حرفه المختص به، وقد حذف حرف الاستفهام في أماكن [كثيرة] من القرآن (5). وهذا الجواب يضعف، لأن حرف الاستفهام لا يكاد يحذف إلا وفي الكلام دلالة عليه وعوض عنه، مثل قول الشاعر (6):
كذبتك عينك أم رأيت بواسط * غلس الظلام من الرباب خيالا [من الكامل] لأن لفظة أم تقتضي الاستفهام، وقد سأل أبو علي الجبائي نفسه عن هذا

(١) المجبرة أو الجبرية: فرقة كبيرة تنسب إلى جهم بن صفوان، قالوا: لا قدرة للعبد أصلا، لا مؤثرة ولا كاسبة، بل هو بمنزلة الجمادات فيما يوجد منها.
(٢) في " ش ": إلى نفسه.
(٣) في " ع ": على الوجهين.
(٤) في " ش، ع ": كيف.
(٥) في " م، ش - خ - " الكلام.
(٦) القائل هو الأخطل. انظر: خزانة الأدب: ٦ / 9. وقد تقدم هذا البيت.
(١٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 ... » »»