ومنها: أن يكون السجود لله تعالى، غير أنه كان إلى جهة يوسف (عليه السلام) ونحوه، كما يقال: " صلى فلان إلى القبلة، وللقبلة ". وهذا لا يخرج يوسف (عليه السلام) من التعظيم، ألا ترى أن القبلة معظمة وإن كان السجود لله تعالى نحوها؟
ومنها: أن السجود ليس يكون بمجرده عبادة [حتى يضاف إليه من الأفعال ما يكون عبادة]، فلا يمتنع أن يكونوا (1) سجدوا له على سبيل التحية والإعظام والإكرام، ولا يكون ذلك منكرا، لأنه لم يقع على وجه العبادة التي يختص بها القديم تعالى، وكل هذا واضح.
[تنزيه يوسف (عليه السلام) عن طاعة الشيطان:] مسألة: فإن قيل: فما معنى قوله تعالى حكاية عنه (عليه السلام): * (من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي) * (2)، وهذا يقتضي أن يكون قد أطاع الشيطان ونفذ فيه كيده ونزغه؟
الجواب: قلنا: هذه الإضافة لا تقتضي ما تضمنه السؤال، بل النزغ والقبيح كان منهم إليه لا منه إليهم. ويجري ذلك مجرى قول القائل: " جرى بيني وبين فلان شر "، وإن كان من أحدهما ولم يشتركا فيه.
مسألة: فإن قيل: فما معنى قوله (عليه السلام) للعزيز: * (اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم) * (3)؟ وكيف يجوز أن يطلب الولاية من قبل الظالم (4)؟